الرئيسة    الفتاوى   الأطعمة والأشربة والصيد والذبائح   الذبح تقربا إلى الله وتوزيع لحمها على الفقراء

الذبح تقربا إلى الله وتوزيع لحمها على الفقراء

فتوى رقم : 23914

مصنف ضمن : الأطعمة والأشربة والصيد والذبائح

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 05/02/1443 09:26:05

س: السلام عليكم .. شيخنا الفاضل .. هل يجوز التقرب إلى الله بإراقة دم الذبيحة وتوزيع لحمها على الفقراء، فمثلا لدفع الضر والأذى أو لنيل الأجر والثواب؛ هل يصح ذلك؛ لأنهم قالو أن التقرب إلى الله بالذبح لا يكون إلا في الأضحية والعقيقة؟

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. فإن الله عز وجل يقول: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُۥ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ"، ومن النسك الذبيحة وتسمى نسيكة، فإذا ذبحها الإنسان في زمانها المعتبر شرعاً أو مكانها المحدد في دين الله عز وجل، فهذه نسيكة مشروعة؛ كذبح الهدي، والأضحية، والعقيقة وغيرها مما ورد به النص متعلقاً بزمان أو مكان أو حال.
ومما يشرع في الذبائح أن يذبحها بنية الصدقة بلحمها على الفقراء والمساكين والمحتاجين، أو بأن يصل بها رحمه ويوزع لحمها عليهم ولو كانوا أغنياء، أو بجمعهم عليها في وليمة، فهذا معقول المعنى؛ فالأجر ترتب على المنفعة الحاصلة لا على ذات الذبح.
وأما الذبح المطلق الذي لا يريد به الإنسان إلا مطلق التقرب في ذات الذبح كالأضحية، وهدي الحج فلا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك، ولا أحد من أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، فنبقى في هذا على أصل عدم المشروعية حتى يدل الدليل على ذلك، والله عز وجل يقول: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك"، وشرع الدين إنما يكون من الله عز وجل.
هذا ومن مقتضيات لا إله إلا الله: ألا يعبد الله إلا بما شرع، وهذا الترك ظاهر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو تركٌ يقتضي النهي؛ لأنه قد اجتمع فيه أنه في محل التعبد المحض، وأنه مما قام المقتضي بفعله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو إرادة الثواب من الله عز وجل في ذات الذبح وليس قصد الانتفاع باللحم، وانتفى المانع منه؛ فلما اجتمعت هذه الشروط في ذلك الترك دل على أن الفعل غير مشروع.
أما أن يتوجه قصده إلى إطعام الفقراء فهو من خير القرب.
والفرق بين الذبح الذي يراد به القربه في ذات الذبح، وبين الذبح الذي يراد به الصدقة: أن القربة بذات الذبح كالأضحية والعقيقة وهدي الحج= لا يشترط فيها وجود الفقير بل يوزعه على من تيسر من الفقراء والأغنياء، وأما من أرد الأجر بتوزيع لحم الذبيحة فلا بد لتحصيل هذا الأجر من غلبة الظن بوجود محتاج، وإلا كان عملا مباحا لا مستحبا. والله أعلم.