الرئيسة    الفتاوى   صلاة الجماعة   صلاة من استخلفه الإمام وهو مسبوق بركعة

صلاة من استخلفه الإمام وهو مسبوق بركعة

فتوى رقم : 22633

مصنف ضمن : صلاة الجماعة

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 16/12/1442 16:20:55

س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أسعد الله صباحك صاحب الفضيلة بكل خير، تقبل الله طاعتكم، وكل عام أنتم بخير.. وصلت هذه الرسالة من أحد الزملاء من أصحاب الفضيلة في مجموعة تضم عدداً من المشايخ القضاة، ولم يجب أحد عليها فوددت سؤالكم؛ لإفادة الشيخ والاستفادة، حفظكم الله، يقول السائل:
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. كل عام وانتم بخير .. مسألة يا مشايخ:
إمام لصلاة العشاء بعد أن صلّى الركعة الأولى وشرع في الركعة الثانية تذكر أنه على غير طهارة، فقطع صلاته واستخلف أحد المصلين خلفه ممن يجيد القراءة؛ حيث إن المأمومين لتلك الفريضة من الجنسية الباكستانية.
المستَخلَف قد فاتته الركعة الأولى وبقية المأمومين قد أدركوا الركعة الأولى مع الإمام الأصلي، وعندما وصل الإمام (المستَخلف) إلى الركعة الثالثة بالنسبة له والرابعة بالنسبة لبقية المأمومين جلس للتشهد الأخير وسلم، ثم قام وصلى الركعة التي فاتته وسجد سجود السهو، وعند سؤاله قال: إن المأمومين قد صلوا أربع ركعات وخشيت أن يتموا خمس ركعات معي كونهم قد لا يفقهوا المسألة، فسلمت ثم قمت أتم ما فاتني.
السؤال: هل فعله صحيح أو لا، وإن كان غير صحيح؛ هل يلزمه أن يعيد صلاته؟).
أفيدونا أحسن الله إليكم ورضي عنكم.

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. حياكم الله فضيلة الشيخ وسددكم وأعانكم .. وأقول مذاكرة:
أما الإجزاء فقد أجزأت صلاة الجميع؛ لأنهم صلوا عدد الركعات المطلوبة كما أمرهم الله من حيث العدد، وأما ما قد يكون اعترى هذه الصلاة من أخطاء فهي عفو؛ لأن غاية جهد الإنسان في مثل هذه المواضع الضيقة أن يتحرى الأصوب في نفسه، ولا يضره بعد ذلك ما أخطأ فيه بسبب جهله؛ لا ما كان بسبب نسيانه أو خطأه بعد العلم، ولأن من أدى العبادة على وجه مأذون له فيه لم يجب عليه قضاء ولا إعادة ولا كفارة ولا فدية، وقد أُذن لهم في أدائها؛ فهو غاية جهدهم.
وأما القول بأن من قدر على العلم ففرط في ذلك وجب عليه الإعادة وغيرها من التكاليف اللاحقة للخطأ ففيه نظر، فإن من ترك التعلم مع علمه بحاجته إلى العلم في المسألة المعينة فهو الذي يأثم إثما عظيما، وربما كانت عقوبته بالإثم أعظم من إلزامه مجرد الإعادة؛ فالزجر إذن تحقق بذلك.
أما معاقبة الجاهل بالإعادة بحجة إمكان العلم ففيه تعطيل لقواعد الشريعة القطعية الدالة على رفع التكليف عن الجاهل، ولأن الجهل يطول طولا عظيما، وقد يستمر عقودا بل أكثر؛ فهل يُلزم هذا بإعادة آلاف الصلوات؟ لا تأتي شريعة الإسلام بمثل هذا.
وذلك بخلاف عارض النسيان فهو قليل نادر، فالمشروع في هذا النسيان متردد بين الإعادة أو التكميل والجبر، ودليل هذه القاعدة مأخوذ عند أهل العلم من أحاديث كثيرة ذكرها ابن تيمية وغيره، فقد قرر رحمه الله بعدم وجوب القضاء فيما فات من العبادة جهلا، وأنه مذهب أبي حنيفة وأحد الوجهين في مذهب أحمد، وكذلك سائر الواجبات، وأن أصل هذا كله أن الشرائع هل تلزم من لم يعلمها أم لا تلزم أحدا إلا بعد العلم؟ وأن من هذا الباب: من ترك الطهارة الواجبة ولم يكن علم بوجوبها، أو صلى في الموضع المنهي عنه قبل علمه بالنهي: هل يعيد الصلاة ؟ فيه روايتان منصوصتان عن أحمد، وأن الصواب في هذا الباب كله أنه لا يقضي ما لم يعلم وجوبه. أهـ مختصرا من "مجموع الفتاوى" (19/225فما بعدها).
ونصب رحمه الله وغيره من العلماء أدلة كثيرة على هذا منها: صحة صلاة أهل قباء بعد تحويل القبلة، وصحة المسيء صلاته، والمستحاضة حين تركت الصلاة، وعمر وعمار حين أخطأوا في الطهارة، وعدي بن حاتم حين كان يظن خيط الفجر خيطا حقيقيا، وأبو ذر حين عذره بجهله بوجوب الصلاة إذا عَدِم الماء فأمره بالتيمم ولم يأمره بالإعادة.
هذا بعد انقضاء الصلاة، أو انقضاء الوقت على قولين لأهل العلم.
أما المشروع في مثل هذه الحال عند الصلاة فالأولى أن لا يتقدم المسبوق؛ وذلك ليتجنب مثل هذا الاضطراب، فإن تقدم صلى كما أمره الله باعتباره مسبوقاً وعلى المأمومين إتمام ما فاتهم.
وإذا اضطرب أمرهم بيَّن لهم الإمام ما يجب عليهم، ولا يضر المأموم ما قد يقع له من الاستفهام لصالح الصلاة؛ لأنه وقع في حال اعتقاده انقضاءها؛ فهو في حال إذن من الشريعة؛ لا حال منع؛ كما وقع مثل ذلك في قصة ذي اليدين. والله أعلم.