الرئيسة    الفتاوى   أحكام الموظفين والطلبةوالعمال   هل تجب طاعة الوالد في ترك العمل في تطبيقات التوصيل؟

هل تجب طاعة الوالد في ترك العمل في تطبيقات التوصيل؟

فتوى رقم : 22579

مصنف ضمن : أحكام الموظفين والطلبةوالعمال

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 03/12/1442 16:23:23

س: السلام عليكم .. يأمرني والدي بأن لا أعمل في تطبيقات التوصيل؛ بحجة أنني لست بحاجة للعمل، ويقول: لو علم الناس أنني أشتغل في مثل هذا العمل ستكون فضيحة؛ فهل علي الإثم والعقوق إذا خالفته؟ مع العلم أني أقوم بالتنكر حتى لا أفضحه، وأعمل بغير علمه حتى لا يغضب.

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. فإن العمل في توصيل الطلبات ليس مما يُعاب به الإنسان، بل العيب هو في ترك العمل والركون إلى الدعة والكسل، والنبي صلى الله عليه يقول: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن هذا أخذ حبلاً فاحتطب لكان خيراً له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه"، كما أن فيه تعويداً على كسب المال بالطرق المشروعة، وتعويداً على تحصيله، وتربيةً على حفظه واستثماره، وكل هذا لا يحصل إلا بمثل هذه البدايات ونحوها.
أما إذا كان الوالد له نظرة خاصة في هذا، ووجد الولد وظيفة أخرى توافق رغبة والده فإن طاعته مما يؤجر عليه الولد؛ لكن طاعته هنا لا تجب لاسيما إذا شحت الوظائف الأخرى أو قل دخلها، أو شقت مسافتها؛ وذلك لأن البر الواجب إنما ينحصر فيما كان فيه مصلحة للوالد وحاجة، ولا ضرر فيه على الولد؛ كتمريض وخدمة مهمة، أما ما لم يكن له فيها حاجة لشخصه فلا تجب طاعته وإنما تُستحب:
قال ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" (114) : (..ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية؛ وإن كانا فاسقين .. فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه) .
وقرر ابن حجر الهيتمي رحمه الله في "الفتاوى الفقهية" (2/104) أن أمر الوالد أو نهيه إذا لم يكن مبنيا على حكمة معتبرة لم يلتفت إليه أخذا مما ذكره الأئمة في عدم طاعته في أمره لولده بطلاق زوجته وكذا إذا منعه من الزهد أو طلب العلم لمجرد شفقة الأبوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأن الوالد إذا أمره بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه فيتعين على الولد امتثال أمر، هذا ما قرره رحمه الله بمعناه وأكثر ألفاظه.
هذا ويجب على الولد إذا اختار البقاء أن يتلطف مع الوالد في إخباره، وأن يسعى في إرضائه إذا غضب؛ فقد سئل أحمد رحمه الله عن رجل أمره أبواه أن لا يصلي إلا المكتوبة فقال: (يداريهما ويصلي). والله أعلم.