صفة ركعتي الضحى والمداومة عليها
فتوى رقم : 21821
مصنف ضمن : صلاة التطوع
لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد
بتاريخ : 06/04/1440 14:58:32
س: السلام عليكم .. شيخنا العزيز .. كثيرا ما يُسأل عن صفة ركعتي الضحى؛ هل هي اثنتين أم أربع؟ وهل تصلى كل يوم أو يوم بعد يوم؟ جزاكم الله خيراً.
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. لصلاة الضحى صيغ عدة وهي اثنتان أو أربع أو ست أو ثمان، وجمع من أهل العلم لا يرون حدا لأكثرها.
أما المداومة وعدمها فيرى الكافة من العلماء المتقدمين والمعاصرين أن المداومة عليها مستحب؛ لثبوت ذلك في أحاديث صريحة صحيحة قولية وفعلية:
فقد ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ".
كما ثبت في "الصحيح" عند مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى".
وثبت فيه أيضا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ".
ثم صح هذا من فعله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا.. الحديث.
فعليه لا وجه لمن قال: لا تثبت مشروعية صلاة الضحى، وأن ذلك هو صلاة الفتح لا أنها صلاة الضحى، أو أنه خاص بأبي هريرة، وغيرها من الوجوه.
وأما جعلها غبا أي وقتا بعد وقت أو يوما بعد يوم فقد قال به بعض أهل العلم؛ واحتجوا لذلك بعدم ثبوت المداومة بنص خاص؛ لأن هذا مما لا يُترك نقله عادة.
ولكن في هذا القول نظرا؛ وذلك لثبوت مشروعيتها على الخصوص في وقتها؛ فليس هي من النصوص المطلقة في الأمر بالصلاة حتى يقال لا يُشرع التقييد إلا بمقيد.
هذا ولا يُشترط لامتثال الأمر الخاص الذي لا مطعن فيه من جهة الثبوت أن يصحبه نقل بعمل دائم؛ فإن القول بذلك يبطل العمل بنصوص كثيرة؛ فكيف وقد ثبت في حديث عائشة فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها.
وما ذكره الإمام ابن القيم وغيره من كون المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله في هذا الوقت أنه صلاة الفتح أو قضاء ورد الليل لا يعارض ما ثبت خاصا بصلاة الضحى؛ فكيف وقد ثبت فعل النبي صلى الله عليه وسلم إياها.
والراجح هو قول الجماهير بمشروعيتها مطلقا؛ وأن المداومة عليها أفضل من فعلها غبا. والله أعلم.