الرئيسة    الفتاوى   حكم و شروط الحج و العمرة   هل الحج يكفر الكبائر؟

هل الحج يكفر الكبائر؟

فتوى رقم : 21799

مصنف ضمن : حكم و شروط الحج و العمرة

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 12/03/1440 15:01:23

س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أجبني جوابا علميا شيخنا الحبيب .. في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
وابن الوزير في العواصم والقواصم يقول: لفظ "ما اجتنبت الكبائر" انفرد به مسلم، وبعضهم يقول : انفرادها فيه ضعف؛ لأن البخاري لم يروها.
أتيت الشيخ ابن باز فسألته، فقال: نعم؛ لا تكفر الصغائر إلا باجتناب الكبائر، والصلوات الخمس والعمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان لا تكفر إلا إذا اجتنبت الكبائر.
ومن المعلوم أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر؛ لقول الله عز وجل: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم".
والشيخ ابن باز جاء إلى حديث : "من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، فقال : "إذا اجتنبت الكبائر"، وفي هذا إشكال:
الأول: الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر الحاج أنه إذا حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه، كيف يحصل أنه تكفر له الصغائر والكبائر تبقى؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كيوم ولدته أمه أي يعني ذلك أنه ليس عليه خطيئة.
الثاني: ما هو فائدة الحج المبرور إذا لم يكفر الكبائر؟ فليس هناك فائدة إذن من هذه البشرى التي ساقها النبي صلى الله عليه وسلم لنا.
إذا حج حاج ورجع كيوم ولدته أمه ثم نقول له: إن الحج لا يكفر الكبائر، وأنها تبقى على حالها ، وإنما يكفر الصغائر، وهذا هذا مشكل عندي؛ فماذا ترون حفظكم الباري؟

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. فتعلم فضيلة الشيخ أن أغلب العلماء على أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة ، والحج عندهم داخل في ذلك أي في عدم تكفيره للكبائر، بل حكى بعض أهل العلم الإجماع على ذلك، لكن في ثبوت الإجماع نظرا.
والأقرب أن الحج مستثنى من ذلك، وأنه يكفر جميع الكبائر، وهو قول جماعة من أهل العلم منهم ابن المنذر، وغيره.
وأما ما ثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ" فهو حكم يقصر على مورده؛ لأن هذه مسائل غيبية تعبدية لا بد فيها من نص.
وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن العاص: "الحج يهدم ما كان قبله" رواه مسلم وجاء في الحديث نفسه: "الإسلام يهدم ما قبله" وهو يشمل الكبائر، وهذا كله دليل على أن الحج يكفر جميع الذنوب حتى الكبائر.
ويستثني العلماء القائلون بذلك حقوق الخلق، وأحكام قضاء العبادات الواجبة؛ فهي لا تسقط مطلقا لا بالحج ولا بغيره؛ وإنما بفعلها مع القدرة. والله أعلم.