الرئيسة    الفتاوى   شروط الصيام ومفسداته   حكم الإبر والتحاميل للصائم

حكم الإبر والتحاميل للصائم

فتوى رقم : 2092

مصنف ضمن : شروط الصيام ومفسداته

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 15/10/1429 19:50:00

س: هل استخدام الإبر العادية والمغذية والتحاميل لمريض الكلى تفطر؟

ج: الإبر لا تفسد الصيام؛ ولو كانت إبرا وريدية كبيرة (غذَّاية) ، وكذلك التحميلات لا تعتبر مفطرة؛ لأنها ليست من المفطرات المنصوصة.
وأصل ذلك أن مسألة المفطرات تعبدية محضة لم تظهر فيها علة مستخرجة بطرق الاستنباط المعتبرة عند الأصوليين ، تطَّرد وتنعكس.
بل قد ثبت في المفطرات ما يبعدها عن المناسبات العقلية؛ وذلك كالتفطير بما يخرج ولا يدخل؛ كالحيض ، وإنزال المني عالما ذاكرا مختارا، وذلك بإجماع ، وكقول البعض بالتفطير بالحجامة ، والقيئ .
فإن قالوا: يَجمعُ هذه الأشياء أنها مُضْعِفَةٌ للصائم؛ فيُقال جوابا عن ذلك: انتفى اعتبار وصف الدخول إلى الجسم ، وانتفت كذلك حكمة أو علة التجويع ، التي يشابه فيها الصائمُ الفقيرَ المعدم؛ فيكون هذا دليلا آخر على عدم اعتبارها حكمة، فضلا عن أن تكون علة صحيحة.
ومما يؤكد أن التجويع ليس علة، ولا حكمة: تأكيدُ الشريعة على استحباب تأخير السحور ، والإذن بالاغتسال تبردا ؛ ما يؤثر في التجويع والتعطيش ، وينفي اعتبارها حكمة.
والأصوليون يقررون أن ما لم تظهر علته فهو تعبدي يُقصر على مورده، ولا يُعدَّى إلى ما سواه.
وأقرب ما دلت عليه الشريعة في حكمة التفطير بالطعام والشراب، وبالجماع هو ترك الشهوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي".
ومن المعلوم أن للطعام والشراب شهوة في نفسها لا يعوضها ـ بأي وجه ـ وضع المغذيات الوريدية أو غيرها من الوسائل التغذية؛ ما يؤكد أن الاغتذاء ليس علة يدور معها الحكم وجودا وعدما.
بل لو صح كون الاغتذاء علة لبطل قول من يرى عدم التفطير بالإبر الدوائية غير المغذية؛ لأن الاغتذاء لو كان علةً لكان قليله ككثيره؛ وذلك كالأكل والشرب يُعد مفطرا بالإجماع؛ فقليله مفطر ككثيره؛ فإذا كان الاغتذاء مفطرا فليكن في أحكامه كالأكل والشرب، وهذا ما لم يقولوا به.
ويُبنى على هذا أن الإبر لا تفطر ولو كانت كبيرة مغذية.
وكذلك الحقن الشرجية، وقد قال جمع من العلماء بعدم تفطيرها للصائم، ومنهم ابن تيمية.
وكذلك غسيل الكلى بنوعيه الخارجي والداخلي ؛ ولو كانت المادة التي تدخل مع الغسيل مغذية.
وأما حديث لقيط بن صبرة مرفوعا : ".. وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" رواه أبو داود في "السنن" (1/35) فقد استدل به بعضهم على أن الاعتبار بما دخل ؛ ولو لم يكن منفذا معتادا للأكل والشرب ؛ فتكون الإبر والتحاميل من جنس ما دخل عن طريق الأنف؛ فالجواب أن هذا الحديث قد دل على أن الأنف منفذ معتبر للتفطير ، وأن له حكم الأكل والشرب ، وقد تقدم أن المفطرات من جملة التعبدات المحضة التي لا يُعقل لها معنى على التفصيل ، وهذا من جملتها؛ فيكون مفطرا تعبدا لأجل هذا النص. والله أعلم.