فتح مكاتب الاستقدام

فتوى رقم : 17335

مصنف ضمن : أحكام الموظفين والطلبةوالعمال

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 21/05/1434 23:04:06

س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. جزاكم الله عن أمة الإسلام خيرا وبارك فيكم وجعلكم ذخرا لها .. ، شيخنا .. اطلعت على فتاوى سابقة لكم عن أحكام استقدام العمالة المسلمة والمشركة والكافرة للمملكة، سواءً للشركات أو للأفراد، وأحكام استقدام الخادمات المسلمات بدون محرم، والكافرات كذلك، وحسب فهمي المتواضع بدت لي الخلاصة : أنه لا حرج في فتح مكتب استقدام إن كان القائم عليه يرعى حدود الله ولا يتوانى عن النصح للجاهلين، لكن حرصا مني على البعد عن الشبهات ودرءا للمفاسد عن وطننا المبارك وغيرة على بنات الإسلام أحببت أن أتأكد من حسن فهمي وأن أستفيد مما علمكم الله، وأستشيركم في جواز فتح مكتب لاستقدام العمالة نساء ورجالا، مسلمين وكفارا، وهل آثم مما قد يقترفه بعضهم سواء العامل أو رب العمل من آثام أو معاصي في المملكة؟ وهل يجوز لي استقدام بنات الإسلام دون محرم إن كنت لا أرضى ذلك على أهلي؟ وهل يجوز لي جلب الخادمات الكافرات إن كنت سأحرص على تكثيف الجهود لدعوتهن لدين الله؟

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. فيجوز فتح محل نشاطه من حيث الأصل مباح ؛ كالمكاتب السياحية ، ومكاتب استقدام العمال.
وأما ما يكون من محرمات قد تظهر لاحقا فليس صاحبه مسؤولا إلا عما علمه بعينه أنه سيتم على الوجه المحرم ؛ كعلمه بغشيان السائح المعين أماكن الفجور ، أو علمه بتناوله محرما ، أو بقدوم العاملة بلا محرم دون عذر.
وقد فصلت في أكثر من موضع أن هذا ليس من الذرائع التي يجب سدها ؛ وإنما يجب سد ما علم المسلم في الحال المعينة بيقين أو غلبة ظن أنه يفضي إلى المحرم.
وأما إفضاء الأمر المباح في أغلب أحواله إلى محرم فليس بحجة للمنع في واقعة شخص جهلنا حاله في ذلك الإفضاء ، ومثل ذلك بيع الأجهزة التي لا تتمحض للحرام ؛ كالتلفاز والمذياع ونحوهما.
ولو قيل بحرمة ذلك لمنعنا بيع المنازل وكرائها ، وكذلك السيارات ؛ لكون أكثر الناس يستخدم فيها محرمات كثيرة متنوعة ، أقلها عندهم الغيبة ، ومشاهدة المحرمات وسماعها.
فإن قيل: إن هذا جاء تبعا للسكنى والاستعمال المباحين فيُقال : كذلك الحال في استقدام العاملة وقدومها من غير محرم = جاء تبعا للسفر المباح في أصله ؛ للغرض المباح ؛ وهو العمل.
وإنما وقع التداخل عند البعض فيما يجب على الحاكم أن يفعله بمقتضى الأحكام السلطانية من وجوب سد الذريعة فيما تُفضى أغلب أحواله إلى محرم ، مع عدم وجود معارض أقوى من مصلحة أو مفسدة أخرى ، حيث يستحضر بعض العلماء وجوب سد هذه الذريعة على الحاكم عينا ، فيشتبه ذلك فيما يجب أو يحرم على آحاد المكلفين في ذلك.
وبيانه أن الحاكم مأمور وجوبا بجلب المصالح ودفع المفاسد العامة ؛ فقد يقتضي نظره حينئذ منع بعض المباحات لغلبة ما تفضي إليه من مفاسد ، ويكون ذلك واجبا عليه ، ولكن لا يحل للفقيه أن يحرم ذلك على آحاد الناس لأجل هذا المعنى العام ؛ مع عدم تحقق العلم بذلك الإفضاء المحظور في حق المعين ؛ فإن هذا النوع من التحريم حق خاص لله تعالى ، وقد حرَّم لأجله الخمر والخنزير والسحر وغيرها من المحرمات المنصوصة.
ولكن مع العلم بهذه المسألة فإن ذلك لا يمنع التوجيه والنصح لمن علمنا بعد ذلك وقوعه في المحرم. والله أعلم.