الرئيسة    الفتاوى   شروط الصيام ومفسداته   إشكال في كلام الشيخ ابن عثيمين عن الفطر بالحجامة

إشكال في كلام الشيخ ابن عثيمين عن الفطر بالحجامة

فتوى رقم : 16017

مصنف ضمن : شروط الصيام ومفسداته

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 18/08/1432 11:33:51

س: هل هذا خطأ في الشرح الممتع؟ يقول الشيخ في معرض حديثه عن رأي ابن تيمية في أن الحكمة من تفطير الحاجم هي وصول الدم للبطن من حيث لا يشعر؛ (٦/٣٨٢) : ( والحكمة إذا كانت غير منضبطة فإنه يؤخذ بعمومها ، ولهذا لو حجم بآلات لا تحتاج إلى مص فإنه لا يفطر) .
أليست الحكمة المنضبطة هي التي تنزل منزلة العلم فتعم؟

ج: الحمد لله أما بعد .. فإن الأقرب هو قول جماهير أهل العلم من أن الحجامة لا تفطر حاجما ولا محجوما ؛ لأدلة فصلت في جواب آخر .
وأما كلاما ابن تيمية وابن عثيمين ـ على القول بالتفطير ـ فلست من يصحح لهما ، ولكنه جار على سنن بعض الأصوليين في المسألة ؛ فلا خطأ فيه من هذا الوجه .
فقد قال ابن تيمية في "حقيقة الصيام" : (.. وأما الحاجم فإنه يجتذب الهواء الذي في القارورة بامتصاصه ، والهواء يجتذب ما فيها من الدم ، فربما صعد مع الهواء شيء من الدم ودخل في حلقه وهو لا يشعر ، والحكمة إذا كانت خفية أو منتشرة علق الحكم بالمظنة ، كما أن النائم الذي تخرج منه الريح ولا يدري يؤمر بالوضوء ، فكذلك الحاجم يَدْخُلُ شيءٌ من الدم مع ريقه إلى بطنه وهو لا يدري ) ..
.. ( والدم من أعظم المفطرات ، فإنه حرام في نفسه لما فيه من طغيان الشهوة ، والخروج عن العدل ، والصائم أمر بحسم مادته ، فالدم يزيد الدم فهو من جنس المحظور ، فيفطر الحاجم لهذا ، كما ينتقض وضوء النائم ، وإن لم يستيقن خروج الريح منه ؛ لأنه يخرج ولا يدري ، وكذلك الحاجم قد يدخل الدم في حلقه وهو لا يدري‏ )..‏
.. ( .. وكذلك لو قُدِّر حاجمٌ لا يمص القارورة بل يمتص غيرها أو يأخذ الدم بطريق أخرى : لم يفطر ) أهـ .
فالإمام ابن تيمية يبني في التفطير على ظاهر النص ، وهو حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" ، ولكنه حين أراد أن يجري العكس في العلة وهو عدم التفطير عند أمن دخول الدم فإنه اعتبر المظنة حيث كانت الحكمة خفية أو منتشرة ، وذلك من أجل العكس ، لا من أجل رد فرع جديد إلى هذا الأصل .
والحكمة إذا كانت ظاهرة منضبطة فهي من جنس العلل الصحيحة ، ولا يستفاد منها مجرد إجراء العكس .
والأقرب أن الحكم بتفطير الحاجم ـ لو صح ـ فإنه تعبدي محض ؛ قد يراد منه عقوبته ؛ لتسببه في ذلك ، وقد يراد منه كون عمل الحجم سببا لدخول الدم إلى جوفه ؛ فإذا تزاحمت الأسباب أو العلل لجأ المستدل إلى التعبد المحض ؛ فلا طرد ولا عكس .
وأما نقض الطهارة بالنوم فالعلة منصوصة بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : "وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ" رواه أبو داود من حديث علي رضي الله عنه ؛ فعلى ذلك من ضمن عدم خروج شيء من الدبر بأمر مستيقن ، أو كان نومه لا يقطع شعوره بنفسه فلا يُعد ناقضا . والله أعلم .