الرئيسة    الفتاوى   الحديث   أمره الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام بإبلاغ المسلمين رسالة

أمره الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام بإبلاغ المسلمين رسالة

فتوى رقم : 15999

مصنف ضمن : الحديث

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 17/08/1432 06:41:17

س: يا شيخ .. جاءتني هذه الرسالة، وأريد التأكد من صحتها .. (أقسم بالله العظيم أنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال له: بلغ المسلمين عني ، فمن ينشرها يفرح فرحاً شديداً، ومن يتجاهلها فسوف يحزن حزنا شديداً، لا إله إلا أنت سبحانك ، أنت ربي فاغفر لي ، إني كنت من الظالمين.
أرسلها إلى خمسة وعشرين شخصاً، وسوف تسمع خبراً مفرحاً الليلة)!!

ج: الحمد لله أما بعد .. فإن المنامات الصحيحة إنما هي مبشرات فقط ؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فسّر قولـه تعالى : "لهم البشرى فِي الحياة الدنيا" بقولـه : "هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى لـه" رواه أحمد وغيره ، ولكن لا يبنى عليها اعتقاد حكم شرعي ؛ كثبوت عبادة معينة ؛ كما لا يُبنى على مخالفتها اعتقاد عقاب معين ، ولا على العمل بها اعتقاد ثواب محدد .
وهذا المنام تضمن حكما بأفضلية هذا الدعاء بعينه ؛ كما تضمن ثوابا لمن نشره بحصول الفرح ، وتضمن عقابا بحصول الحزن لمن ترك نشره .
وقد كان السلف من الصحابة والتابعين أصفى الناس نفوساً وأصدقهم رؤيا ؛ ومع ذلك لم يكونوا يبنون على المنامات أحكاماً بالاستحباب أو سواه ؛ فلا فائدة فِي الرؤيا إلا فيما ورد بـه الخبر ؛ وهـو التبشير والإيناس ، أو الحث على ما عُلمت مشروعيته ، أو الزجر عما عُلمت حرمته أو كراهيته .
قال الشاطبي فِي "الاعتصام" (2/85): ( نعم ، يأتِي العلماءُ بالمرائي تأنيساً وبِشارةً ونِذارةً خاصة ؛ بحيثُ لا يقطعـون بمقتضاهـا حكـماً ، ولا يبنون عليه أصـلاً ، وهو الاعتـدالُ فِي أخـذِها ؛ حسبما فُهـم من الشرعِ فيها )أهـ .
وقد جاء فِي الحديث المذكور آنفاً اعتبار صلاح صاحب المنام ؛ لذلك قال الشاطبي "الاعتصام" (2/80-81) : ( الرؤيا التي هي جزء من النبوة من شرطها أن تكون صالحة من الرجل الصالح ، وحصول الشروط مما يُنظر فيه ؛ فقد لا تتوفر ، وأيضاً فهي منقسمة إلى الحلم وهـو من الشيطان ، وإلى حديث النفس ، وقد تكون بسبب هيجان بعض الأخلاط ؛ فمتى تتعين الصالحة حتى يُحكم بِها ، وتتركُ غيرُ الصالحة ؟ ) اهـ.
وقال فِي "البحر المحيط" (1/89) : ( ولا يجوز أن يثبت بالرؤيا شيء حتى لو رأى واحد فِي منامه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بحكم من الأحكام لم يلزمه ذلك .. لأن الأحكام لا تثبت بالمنام إلا فِي حق الأنبياء , أو بتقريرهم ) .
فعليه: لا يجوز اعتقاد وجوب ذلك ، ولا صحة ما فيها من الثواب والعقاب ؛ فلا يجوز نشرها إلا لبيان حالها ؛ وفق الأصول المذكورة .
وأما قول هذا الدعاء بإطلاق ، دون اعتقاد وجوب ، ولا أن يُنشر هذا المنام للناس فهو مشروع ؛ لثبوت ألفاظه في الكتاب والسنة . والله أعلم.