الرئيسة    الفتاوى   البيوع   بيع السيارة في المزاد بشرط البراءة من العيوب (حديد مكوم)

بيع السيارة في المزاد بشرط البراءة من العيوب (حديد مكوم)

فتوى رقم : 11685

مصنف ضمن : البيوع

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 04/03/1431 08:27:19

س: السلام عليكم .. يا شيخ : أريد أن أبيع سيارتي في المزايدة (الحراج)، وفيها بعض العيوب، ونظام الحراج فيه تدليس، فهل في ذلك إثم علي؟ وهل يصح قولهم : (حديد مكوم) و(سكر في ماء) أي لا تلزمني أي عيوب تظهر؟

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. لا يجوز بيع السلعة إلا ببيان عيوبها ، ولكن لو أن البائع اشترط البراءة من كل عيب ففي ذلك أقوال لأهل العلم:
الأول : أنه يبرأ مطلقا ، وهو مذهب الحنفية ، ورواية عن أحمد .
وعللوا ذلك بما ثبت من الأحاديث من أن المسلمين على شروطهم ، وبأن هذا هو قول زيد بن ثابت وابن عمر رضي الله عنهم .
القول الثاني : أنه لا يبرأ من أي عيب ؛ إلا عيبا معينا يسميه .
وعللوا ذلك بأن الإبراء من كل عيب أمر مجهول ؛ فالعيوب منها صغير لا يؤثر في الثمن ، ومنها كبير يؤثر فيه تأثيرا بالغا ؛ ففيه جهالة وغرر .
القول الثالث : أنه يبرأ بهذا الشرط من العيوب التي يجهلها وقت البيع ، أما التي يعلمها فلا يبرأ منها . وهذا مذهب المالكية ، ورواية عن أحمد ، واختيار ابن تيمية .
واستدلوا بما استدل به أهل القول السابق ؛ ولأن العلم بالعيب والسكوت عنه غش وتدليس ، وفي الحديث : "من غش فليس منا" ، وأما العيوب المجهولة فلا يُعد البائع فيها غاشا ؛ لعدم علمه به ، وبأن هذا هو قضاء عثمان رضي الله عنه .
وبالموزانة بين أدلة الأقوال ظهر أن ما ذكره المانعون من اعتباره غشا فيه نظر ؛ لأن البائع اشترط لنفسه البراءة من كل عيب ؛ فتم بذلك نقل عهدة الإيضاح والتبيين ـ التي تجب في الأصل على البائع ـ إلى الراغب في الشراء ؛ ليستبين بما يشاء ؛ مما يراه مؤثرا في ثمن السلعة ، أو ليفترض فيها أسوأ العيوب وأكثرها ، وإنما يكون غاشا إذا باعه دون هذا الشرط ، ثم سكت عن عيوبه المؤثرة في ثمنه ؛ فلا يتوجه هذا الإيراد .
ويقال أيضا : إن هذا موضع حاجة ؛ فكثير من السلع لاسيما السيارات هي من ذوات الأجزاء الكثيرة جدا التي تدخلها العيوب ، كما أن السيارات المستعملة والقديمة ونحوها يصعب فيه حصر تلك العيوب ؛ فأصبح الناس يشترونها تحت مكبرات الصوت بأثمان بخسة ؛ تسهيلا لحركة البيع .
وقد أورد بعضهم على القول الأول أن عقده يشمل غررا يشبه القمار من جهة جهالة مطابقة الثمن لقيمة السلعة الحقيقية ؛ بمعرفة سلامتها في الحال ، أو ببقاء خيار العيب ؛ فيما قد يظهر من العيوب القديمة .
والجواب أن هذا يرد أيضا على القول الثالث الذي قال : يبرأ من العيوب المجهولة ؛ فلو صح هذا الإيراد لكان مبطلا للقولين ، ولكنه لا يتوجه عليهما ؛ لما تقدم في هذه المناقشة من اعتبار الشرط .
وأما قضاء عثمان رضي الله عنه فهو معارض بمثله من الصحابة ؛ كما أن الحكم القضائي يُبنى على أسباب كثيرة ، ووجود هذا الوصف لا يعني أن سبب البطلان عند القاضي هو هذا الشرط فقط ؛ فصار ما روي عنه محتملا.
فلما ذُكر من المناقشة ، وأن الشروط معتبرة في الشريعة ، وأن هذا مذهب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أُجيب عن قضاء عثمان رضي الله عنه ، ولأنه لا يمكن التفريق بين من يريد السيارة لقطعها ، أو حديدها لصهره ، وبين من يريدها لاستعمالها فإن الأقرب هو رجحان القول الأول ، وهو صحة الشرط بالإبراء من كل عيب ، ولزومه للمشتري . والله أعلم.

كتمان    عيب    معيب    بِضَاعة    سيارة    جهالة    غش    تدليس    حراج    مزايدة    بيع    مزاد    إبراء    شرط    

عيب